بأقتراح من محمد عبد النبي وتأيد من العبد لله وموافقة أمين عام المؤتمر الأستاذ سيد الوكيل سندعو كثير من الأدباء الشبان للمشاركة فى المدونة بالتدوين حول أسئله السرد الجديد والتفاعل حول القضايا الادبيه المطروحة.

أول المنظمين الجدد هم

د.رحاب إبراهيم صاحبه مجموعة قصصية بعنوان "بنت عمرها عشر دقائق"

ونهى محمود صاحبة رواية " الحكى فوق مكعبات الرخام"

وعثرت على تدوينه تتحدث فيها هند هيثم وهى أديبه من اليمن عن زمن الروايه فى مدونتها"تصدعت المرأه"وهى متصلها بالمبحث الذى فتحه ابراهيم فرغلى فى التدوينه الفائته


زمن الحديث عن زمن الرواية

نعم، ليس هذا زمن الرواية، بل زمن (الحديث) عن زمن الرواية.
مُنذ عشر سنواتٍ أو يزيد وأنا أقرأ في الصحف الأدبية – وغير الأدبية – تصريحاتٍ شبه رسمية عن زمن الرواية، ويُرفق التصريح المُهيب عادة بتصريحٍ كئيب عن موت الشعر، دون أدنى إشارةٍ إلى أسباب موته. ولأن هذه التصريحات قاطعة، باترة، صارمة، فقد كُنت أخافها وأنا صغيرة، وأعتبرها كتصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين عن الحروب والمجاعات، كلمات تعني أن ما وراءها أسوأ.
اللغط الدائر حول زمن الرواية وموت الشعر يترافق مع تصريحاتٍ أخرى لا تقل إرهاباً عن السابقين، كموت الأدب – قطع رأس الفتنة –، ونهاية التاريخ. ولا بُد من أن يُذكر صدام الحضارات من حينٍ لآخر، مع أشياء مثل موت المؤلف، ينبغي أن تُفهم مجازياً.
في هذا المجاز تتخذ المشكلة سكنها. موت المؤلف مثلاً – كناية – حسب رولان بارت عن انتهاء علاقته بالنص بانتهاء كتابته. الرواية كون من ورق، ولا شأن للقارئ بصانعها الذي أدى مهمته ورحل. نهاية التاريخ قد تعني انتفاء الحاجة إليه في الزمن المُعاصر، وصدام الحضارات يشير إلى الاختلافات الثقافية التي تفرق نسل آدم وحواء فرقةً لا رجعة فيها – وتعبير "لا رجعة فيها" مبالغة من أنبياء صدام الحضارات الجدد –. هنا ينتهي المجاز القابل للتفسير بشكلٍ عقلاني، ويبدأ كلام المجانين – مشكلة المجاز أن المبالغة فيه تقود المتكلم إلى الهذيان بكلامٍ لا يفهمه أحد، حتى هو نفسه، كالإفراط في استخدام البناء للمجهول – كيف يموت الأدب؟ هل يعني ذلك نهاية الحاجة إليه كما جاءت نهاية التاريخ؟ وكيف يموت الأدب مع كُل هذه الفوضى عن زمن الرواية؟
وبافتراض أن الأدب حيٌ يُرزق – وهذا مجاز مجانين آخر – لكن جزءاً منه فقط هو الذي مات، الشعر، كيف يموت الشعر؟ ولماذا؟
واحدةٌ من أقدم وأكثر مشاكل الفكر العربي استفحالاً الاستهلاك المفرط للمصطلحات والتعبيرات التي (يظهر) عليها (الذكاء) دون حكمة. وترديد الكلام لذاته دون فهمٍ حقيقي لمعناه – أو حتى اهتمامٍ به –. الزعم بأن الشعر قد مات يقتضي إثبات الكيفية، والسبب. ولا أحد – حسب علمي المتواضع – قد بين حقاً لِمَ مات الشعر – رغم محاولات مجموعة من الناشرين المتذمرين، والشعراء البائسين الذين ينسون أنهم يبيعون كُتباً لأمةٍ لا تقرأ –.
عندما ثبتت الرواية نفسها كشكلٍ أدبي مُعترفٍ به، هلل مناصروها تهليل الجوعى عند وليمةٍ، وأعلنوا في كُل محفل أن روايتهم ستمحو كل الأشكال الأدبية السابقة لها باعتبار الرواية إسفنجة قادرة على الامتصاص إلى ما لا نهاية، وقادرة على حمل الحكاية، بينما لا يستطيع الشعر حملها لذا سيتراجع أمامها. وهذا ادعاء لا سند له، ففي قصائده التي لم تُنظم لتكون جزءاً من ملحمة شعرية كقصائد الإدا التي تحمل حكايات آلهة سكندنافيا، وقصيدة "بيوولف"، وغيرها – أو جزءاً من مسرحية شعرية – كما في مسرحيات شكسبير ومارلو، ومحاولات شوقي لإنشاء مسرحٍ شعري عربي. مشكلة شوقي أن مسرحه الشعري عمودي، بينما في زمن شكسبير ومارلو، كتب المسرحيون شعر تفعيلة. – يستطيع الشعر أن يحمل الحكاية كما في قصيدة تنيسون "سيدة شالوت"، أو قصيدة ميلن "كريسماس الملك جون"، وحتى في الشعر العربي كما في قصيدة هيثم "غبار السباع".
تتفوق الرواية على الدراما في منظورها للشخصية، فالرواية تستطيع تقديم الشخصية من الداخل والخارج بكفاءةٍ تفوق تلك التي في مُستطاع الدراما، وتعدد ضمائر السرد فيها يُتيح للروائي حُريةً أكبر في كشف شخصيته للقارئ بالصورة الأمثل. ويزيد من امتيازها التزام المسرح بوحدات أرسطو الثلاث – وحدة المكان، الزمان، الحدث – بينما تمتلك الرواية كامل الحُرية في تشظية الزمان والمكان إلى ما لا نهاية – نظرياً –، وفي تقسيم الحدث أو عرضه من وجهات نظرٍ مختلفة، وبضمائر سرد مختلفة. كما أن الرواية – دون حياءتستعير الحوار من الدراما لتقتبس أقوال شخصياتها كما هي. غير أن الواقع يؤكد أن المسرح لم ينتظر الرواية لتُحلق بعيداً حاملةً كُل ما يخصه، فأعادكالشعر – اختراع نفسه، ولم يعد محكوماً بالوحدات الأرسطية، أو بحواجز الخشبة، وأضاف إلى تراث شخصياته المزيد دون توقف، وتعددت أساليبه ومدارسه وحركاته دون أن يفقد هيئته الأساسية، ودون أن يستطيع أحدٌ أن يقول – بضمير مرتاح – أن مسرحيات اليوم لا شأن لها بالمسرحيات الإغريقية التي أُديت في أثينا قبل الميلاد.

بينما تكاد الرواية تكون ابنة عاقة للتقاليد الأدبية السردية التي سبقتها،
كالقصة والخُرافة والرومانس
.

تمتص الروايةُ داخلها كُل الأشكال الفنية الأُخرى دون أن تفقد هيئتها الروائية، وفي هذا امتيازٌ هائل تكاد تنفرد به وحدها، لكنها لا تُلغي أي شكلٍ آخر، ولا تحدُ من آفاقه، فما الذي يحمل النقاد وأشباههم على إعلانه زمن الرواية بامتياز؟ ويجعل بعض عتاتهم يضيفون أنه زمن موت الشعر والأشكال الأدبية الأخرىبالتوازي –؟
وبافتراض أنه زمن الرواية فعلاً، فهل حقق المنجز النقدي العربي شيئاً استثنائياً في نقد الرواية يؤيد هذا الاعتقاد؟!.. النقد في تراجع مستمرٍ، والتجديد فيه متوقف إلى أجلٍ لا يعلمه إلا الله، فكيف يُمكن أن تكونُ هُناك نهضة روائية بوجود روايات دون متونٍ نقدية؟!..
الحُجة الوحيدة شبه المُقنعة التي يستطيع أن يسوقها دُعاة زمن الرواية هي أرقام مبيعات الروايات التي تتفوق دائماً على مبيعات الشعر والمسرحيات وغيرها من الأشكال الأدبية. لكن، هل ما يبيع حقاً روايات؟
باستثناء أسماء مثل نجيب محفوظ وغارسيا ماركيز وأليندي ممن يبيعون كثيراً دون أن يؤثر ذلك على قيمة رواياتهم الفنية، فإن الرائج في سوق النشر بيع خيالاتٍ طويلة يسمونها رواياتٍ مجازاً، بينما لا تتجاوز في الحقيقة كونها قصصاً Fiction تفتقد إلى العُمق الذي يُفترض أن تحتويه الرواية، وإلى المعاني والمباني التي تُكون جوهرها وماهيتها. ما يكتبه دان براون يبيع بشكلٍ خيالي، لكن، هل ما يكتبه رواية Novel أو Fiction مُعاد مراراً وتكراراً؟ الأمرُ لا يحتاج إلى تأمل، فبراون مفضوح لأنه يجتر ما يكتبه وفق خطةٍ محفوظة تفتقد العُمق الإنساني بشكلٍ مخزٍ. (ومع ذلك، هُناك من يعتبر شيفرة دافنشي كتاباً حوى كُل حكمة العالم، وأعرف منهم جبلاً كثيراً). يوجد كتابٌ آخرون يصعب فضحهم مثل باولو كويلهو الذي يُعامل بقداسة شديدة في العالم العربي، مع أن أنغيلا شرويدر، المحررة الأدبية النمساوية صُعقت عندما قُلت لها أنني من قُراء كويلهو. كويلهو بالنسبة لنقاد الأدب الأوروبيين – الذين يتذمر منهم بشدة في روايته الزهير – Charlatan أو دجال يدعي أنه يستطيع تحويل الرصاص إلى تبر. هُناك قدرٌ من الإنجاز في روايته، الخيميائي، لكن بقية رواياته تدور في نفس الفلك، وتعزف على ذات الوتر. تجربته الروحية مع الجماعة الغريبة التي ينتمي إليها عدا استثناءات – أراها – تظهر في الشيطان والآنسة بريم وفيرونيكا تُقرر أن تموت، التين يعتبرهما مع على ضفة نهر بييدرا جلستُ وبكيت ثلاثية يُسميها: في اليوم السابع. الروايتان السابقتان متأثرتان بالفكر الديني، خصوصاً الشيطان والآنسة بريم، لكنهما لا تتحدثان عن الطوائف العجيبة التي يحشرها كويلهو كُل مرة. وفي الشيطان والآنسة بريم حضورٌ للواقعية السحرية يُذكر بلاتينية كويلهو. هُناك أيضاً إحدى عشرة دقيقة،

لكنه يملأ الرواية بأبحاثٍ واستنتاجات وينسى أن الرواية في بُنيتها الأساسية حكاية، وليست استعراضاً لمعارف الروائي وقدراته البحثية.

وعليه، فحتى استثناءاته تُعاني من خللٍ خطير، فالمرء لا يستطيع أن ينسى باولو كويلهو بعد الصفحة الأولى لأنه يقفز بين الصفحات ويقول لك كُل وقت: "أنا هُنا!" – أعرف، بالمناسبة، المقابل العربي لكويلهو لكنني سأحتفظ بالاسم حتى يأذن الله. –
بسقوط حُجة المبيعات، ينبغي العودة إلى الأصول. إلى النقاد الذين ينبغي أن يكفوا عن وظيفة مندوب مبيعات المصطلحات الجديدة في العالم العربي الذي يُروج سلعاً قد لا يفهم حتى فائدتها، وكُل ما يهمه (عمولته) التي يقبضها عن مبيعاته، ليعودوا إلى وظيفتهم الأصلية، مفكرين يصوغون – بالملاحظة والتحليل – القواعد النظرية المُجردة للبُنى والمعاني الأدبية ثُم يُنشئون عليها تطبيقاتهم العملية، ومراقبين دقيقين لتطور التجربة الأدبية، ومؤرخين لها. عندها فقط، سيكون للحديث عن زمن الرواية معنى فعلي، وقد يسقط هذا المجاز سقوطاً مدوياً بعد أن يُدرك النُقاد أنه محض فقاعة.

3 تعليق:

تكلمت هند فى هذة التدوينه عن هم جذور المشكله ولها هنا أسئله مثيره جدا للأجابه عليها
وسمحت لنفسى أن أميز بالخطوط والالوان
جمل رأيتها مهمه جدا ويجب التوقف عندها

17 نوفمبر 2008 في 6:10 م  

ذا كلام محترم ويكشف عنوعى وثقافة عميقة واستيعاب للموضوع
تحية لكاتبة هذا المقال الذى ذكرنى بكلام طارق إمام عن المبدعين أعداء الثقافة والفكر الذين يرسلون الكلام على عواهنه ساذجا ومكرورا
فقط يهمنى أن أوضح أن مقولةمت المؤلف ليست موجهة للمبدع ، ولكن للناقد ، بما يعنى أن الناقد عليه ألا ينشغل بالمؤلف ويقتصر بحثه على النص نفسه وكأنالمؤلف لاوجود له
وهذا ثمار الشكلانية الروسية وتتطوراتها البتيوية
الجديد فى الأمر أن التاريخينية الجديدة تعيد الاعتبار للمؤلف من جديد ، بمعنى الاهتمام ببيئه وثقافته ولغته باعتبارها عمليات مهمة فى قراءة النص ، وبدعوى أن النص لاينفصل عن بيئة إنتاجه وهذا يدخل فى مضمار النقد الثقافى

17 نوفمبر 2008 في 11:07 م  

شكرا يا أستاذ سيد على الملحوظه بتاعت موت المؤلف
فهمتنى حاجات كانت غايبه عنى

19 نوفمبر 2008 في 3:26 ص  

Blogger Template by Blogcrowds