نشر الصديق نائل الطوخى على مدونته إعتذار عن المشاركه فى مؤتمر أدباء مصر لدورته الحاليه بعنوان " أسئلة السرد الجديد " بينما كان الاستاذ سيد الوكيل مسافرا الى سوريا لحضور مؤتمر أدبى وعندما رجع رد علي على مبررات أعتذاره وننشرها هنا


لو أن الأمر أقتصر على الرسالة الشخصية التى أرسلها لى الصديق المبدع نائل الطوخى على إيميلى الشخصى، مؤكدا على اعتذاره عن المشاركة فى مؤتمر السرد الجديد، ومبررا ذلك بأنه أمر ذاتى وشخصى جدا لهان الأمر، ولكنه كان حريصا على أن يرفق برسالته رابطا لمقال كتبه عن أسباب الاعتذار، وبعد أن قرأت المقال، وجدتها أسبابا تتعلق بالمؤتمر ويعتبرها نائل عيوبا يحتج عليها وتستدعى اعتذاره عن المشاركة، بما يعنى أنه يسجل موقفا ثقافيا وليس الأمر مجرد اعتذار شخصى لظروف ما، وكنت أظن أن الأجيال الجديدة من المثقفين تخلصت من آفة تسجيل المواقف التى تميزت بها الأجيال العتيقة.


كان بوسع صديقنا أن يشارك برأيه هذا فى المؤتمر ويعلنه أثناء النقاش الحر مع الآخرين بدلا من أن يطلع به علينا من وراء المدونة، فأنا شخصيا أفضل، عندما يكون لدى مؤاخذات على عمل ما أن أناقش المسؤلين عنه وجها لوجه، لا أن أسجل موقفا أو اعتذر عنه بالكلية، فالمؤتمر الوحيد الذى لا أشارك فيه، هو المؤتمر الذى ينظمه أو يموله صهيونى ما ، ومع ذلك ، فنحن فى مصر نتكالب على مؤتمرات الأجانب مهما كانت شبهتها، و نقاطع مؤتمراتنا لأن جلسة ما من جلساته لاتعجبنا .

هذه واحدة من عجائب الثقافة المصرية ليس إلا .

عموما...فالمؤتمر لاينحصر فى جلسة المائدة المستديرة، ولا فى ملاحظة واحدة أو ملاحظتين سلبيتين. بالتأكيد هناك الكثير من الجوانب السلبية كما أن هناك الأكثر من الجوانب الإيجابية فى أى عمل ثقافى بهذا الحجم، لهذا فالأمر يستدعى المشاركة والفاعلية والنقد البناء لا الاعتذار .

على أى حال جاءت رسالة نائل الشخصية تعكس سمو أخلاقه وإنسانيته، وهذا وحده يكفى لقبول اعتذاره بلا غضاضة، وإن كان اعتذار أى مشارك فى اللحظات الأخيرة قبيل المؤتمر يؤثر سلبا على المؤتمر ويعرضه للانتقاد ويقلل من فاعلياته، ولو أن شخصا غيرى لاعتبر الأمر نوعا من المؤامرة، ولكنى لا أفكر بطريقة المؤمرات أو تسجيل المواقف فهذا كلام قديم، وكذلك لا اعتبر نفسى ممثلا للمؤتمر أو صاحبه، لهذا أفرق جيدا بين موقف نائل الطوخى منى شحصيا، والذى عبر عنه فى رسالته الشخصية وهو موقف نبيل كما قلت ، وبين موقفه من المؤتمر والاعتذار عنه .

اعتذار نائل شأن يخصه بالتأكيد ، وتقديرى له ولرأيه كبير ، كما أنى أعتبره صديقا عزيزا ومثقفا ومبدعا موهوبا، والاختلاف فى الرأى لايفسد للود قضية كما يقولون، ولهذا فإن ماسوف اكتبه هنا لاعلاقة له بأمر الاعتذار ولا بنائل الطوخى شخصيا، ولكنه توضيح لأمور جاءت فى مقاله حول المؤتمر، وبما أننى أخترت أن أكون أمينا لدورته هذه، وبما أننى حرصت طوال الوقت على أن أقدم دورة متميزة وغير نمطية، تهتم للواقع السردى فعلا، وبالكتاب الفاعلين فى رسم هذا الواقع فى حدود ما أعرف، وأنا أعرف أنه خارج هذه الدائرة التى تضم أكثر من 300 مبدعا يشاركون فى المؤتمر، من هم جديرون بالمشاركة أيضا، وربما أفضل من بعض المشاركين، ولكن ليس بوسعنا أن نلم بكل تفاصيل المشهد السردى لأنه واسع ومتعدد وأكبر من أن نحتويه كله فى دورة واحدة، يكفى هذه الدورة أنها خرجت عن نمطية الأداء والأسماء المكررة وحرصت على الحضور الفاعل لكتاب جدد، وهو ليس مجرد حضور شرفى بل حضور مشارك وفاعل .

هذه رسالة مفتوحة إلى نائل ليس له شخصيا كمبدع موهوب وإنسان جميل، ولكن بوصفه كاتبا لمقال يفند فيه أسباب اعتذاره، وهى كلها أسباب تتعلق بالمؤتمر والآداء العملى فيه، فأرى أن من واجبى الرد عليها فقط لتوضيح بعض ما التبس عليه، فربما يكون ملتبس أيضا على الآخرين. ولا تنقصنى الشجاعة أن اعترف بأى نقص أو أخطاء فى أدائى فلست نبيا لايخطئ ولست محترفا فى تنظيم المؤتمرات، فأنا قبل أى شىء مبدع وكاتب للسرد ولفرط إيمانى ومحبتى للسرد الجديد حرصت على أن أكون أمينا لمؤتمر يسهم ولو بالقليل فى تنميته.

****

الأستاذ نائل الطوخى

ردا على مانشرته بمدونتك من ملاحظات حول جلسة المائدة المستديرة بمؤتمر السرد الجديد أقول :

بفرض أن الاختيار فى المائدة المستديرة ـ كما تقول ـ تم على أساس أن يكون فيها بعض الأسماء اللامعة، وبالطبع الآخر منطفىء ( فى المقابل )، فهذا يسمى فى عرف العمل الثقافى، نوعا من تبادل الخبرات والتفاعل والتنوع بين أفراد المشهد الأدبى فى لحظة واحدة، يعنى عندما يجلس مبدع لامع إلى جوار مبدع أقل لمعانا، سيستفيد الثانى من خبرات الأول، وصدقنى ياصديقى، كثيرا ما يستفيد اللامع من المطفى، لأن من عادة اللامعين أن يكتفوا بأنفسهم فيتجمدون وعندما يواجهم أحد يكتشفون عيوبهم.فيستفيدون أيضا. والمؤتمر معنى بتقديم وجوه جديدة أكثر من عنايته بالتأكيد على نجومية النجوم، فمثل هؤلاء الذين ذكرتهم كنجوم كبار ليسوا فى حاجة لمن يقدمهم أو يعتنى بهم


ومع ذلك .. فالاختيارـ فى المؤتمر ـ لم يقم على أساس من اللامع ومن المنطفى، بل على أساس تنوع فى الخبرات والاتجاهات، ونحن لسنا جهة من شأنها أن تحكم من أكثر قيمة من الآخر؟ أو من اللامع ومن المنطفى ؟ فهذا شأن النقاد والتاريخ هما يحكمان فى النهاية ياصديقى. والتفكير بطريقة من النجم اللامع ومن المطفى هو منطق الإعلام وليس منطق العمل الثقافى. لهذا تمنيت أن تفرق بين أداء المبدع فى العمل الإعلامى، وأداءه فى العمل الثقافى. ولو كنا نفكر بالأسماء اللامعة لضمان نجاح المؤتمر لما جعلنا المؤتمر للسرد الجديد أساسا، فلدينا من الكبار اللامعين مايكفى، ولو كنا نفكر فقط بالبحث عن اللامعين بين الشباب، لوضعنا على القائمة علاء الأسوانى مثلا، وترددنا كثيرا فى البحث عن آخرين يضاهونه فى لمعانه. فمجرد اسم علاء الأسوانى يضمن للمؤتمر أن تتناقل أخباره وكالات الأنباء الأدبية فى العالم.

صدقنى ياصديقى، حسابات اللامع والمطفى لا أعرفها أبدا ولا أفهمها، فأنا قارىء ( ُعقر ) للمشهد الأدبى، ومثقف بدرجة تكفينى لأفرق بين لمعان الذهب ولمعان الصفيح. ولا تضطرنى للكلام عن نفسى أكثر من ذلك.

تقول: " مشهد "السرد الجديد" واسع جدا في مصر، ولا تمثله المائدة المستديرة المخصصة،""

بالطبع ياصديقى ـ ومعك حق ـ المؤتمر برمته ليس ممثلا للسرد الجديد، ولا يوجد مؤتمر فى العالم يمثل ظاهرة ما ولكنه يدرس الظاهرة من وجهات نظر مختلفة، والأساس فيه الباحثون، ولهذا يشارك فيه مبدعون مختلفون لهم وجهات نظر مختلفة. بما يعنى أن لا أحد من المشاركين فيه يمثل السرد الجديد. والمؤتمر ليس ملزما بقائمة الممثلين للسرد الجديد التى أوردتها أنت ولا بترتيبها لأنها فى الحقيقة قائمة نمطية وسمعناها كثيرا، ولو طلبنا من كل واحد أن يكتب قائمة كهذه لاختلفت فى كل مرة، وليس من غايتنا أن نكرس لأسماء بعينها أو لقوائم يضعها أحد، بل حريصين على أن نفتح المشهد على أكبر اتساع له بقدر الإمكان ولايعنى هذا أننا نتعمد نفى أسماء بعينها ـ أيضا ـ كالذين ذكرتهم وأكثرهم أصدقاء لى ويعرفون أننى أقدر تجاربهم الإبداعية وأنا شخصيا حزين أننى لم أستطع دعوتهم جميعا فللمؤتمر حدوده وسعته. والاختيارات لها اعتبارات أخرى غير جودة إبداع المبدع، أهمها عمق ثقافة المبدع .

ولا تضطرنى للقول بأن بعض هذه الأسماء التى ذكرتها أنت، قرأتُ لها أراء نقدية فوجدتها متواضعة وضيقة، فالبعض رؤيته النقدية أقل كثيرا من موهبته كمبدع، وجلسة المائدة المستديرة هى جلسة للنقاش الثقافى والمعرفى عن السرد الجديد وليست جلسة احتفاء أو تكريس لكتاب السرد الجديد لهذا ففكرة الجدارة الإبداعية ليست هى الشرط الوحيد هنا، لهذا تلاحظ أن بعض المشاركين فى المائدة هم نقاد شباب بالأساس مثل عمر شهريار وأحمد عزت يوسف، وبعضهم يجمع بين النقد والإبداع مثل طارق إمام ومحمد عبد النبى وهويدا صالح ، وبعضهم يمثل تجارب إبداعية مختلفة فى طرائقها بغض النظر عن قيمتها، فمعيار القيمة لاينطق به إلا الحكماء وأنا لست حكيما لامتلك هذه الثقة لأضع قائمة بالترتيب لأهميات الناس. يكفينا حكيم واحد على رأس الدولة .


وعموما فحتى الذين ذكرتهم أنت، لايمثلون السرد الجديد ولكنهم موجودن فيه ومشاركون فى صنعه، والتفكير بطريقة الممثل الأوحد، ليس أساسا فى العمل الثقافى ولايدعى أحد ذلك، فلا أنا ولا أنت ولاغيرنا يمثل أحد، فكل مبدع لا يمثل سوى نفسه ولا يعبر سوى عن تجربته وفهمه لما هو إبداع، والمشهد الآنى يتسم بالتنوع والتعدد والتجاور ، وأنا شخصيا ضد فكرة التنميط التى تحاول أن تجذب المشهد الأدبى إلى اتجاه بعينه أو أسماء بعينها تعتبر ممثلة للمشهد السردى، مثل هذا التفكير عطل تطور السرد لسنوات، عندما فرض علينا يوسف إدريس نموذجه، وعندما حاول إداورد خراط أن يفعل ذلك من بعده، ومازال لدينا كتاب بعضهم فى قائمة اللامعين التى ذكرتها يكتبون تحت المواصفات الإدريسية والخراطية . وكل منهما ينفى الآخر ويعتبر نفسه هو الممثل للإبداع الحقيقى، والذين يفكرون بهذه الطريقة لا يرون ولا يقرأون سوى أنفسهم ومع ذلك لديهم الجرأة بالحكم على الآخرين .

أظن أن ما سبق هو ردى المختصر عن أهم الأفكار التى وردت فى كلامك فقط لتوضيح الأمر لك أو لمن يهمهم أن يعرفوا .

أما عن باقى النقاط الأخرى فى كلامك، والتى وردت بوصفها تساؤلات أو استفسارات فاسمح لى أن أرد عليها فى عجالة .

طه عبد المنعم ـ أيضا ـ مبدع أولا ، صحيح هو لم ينشر حتى الآن ، ولكن لكل إنسان ظروفه، وعلينا احترام هذه الظروف، ومن ناحية أخرى فطه على علاقة وثيقة بالمشهد السردى ولاسيما الجديد، من خلال البوابة الثقافية التى تتابع السرد الجديد، ووجود طه بالمؤتمر كان اقتراحا شخصيا منى وأنا اتحمل مسؤليته، اقتناعا بأن الأنترنت له دور فى تحريك المشهد السردى والتعريف به، وهو بكل صراحة دور أوسع من الصحافة التى لاتسلم من الانتقاء والاختيار الشخصى ربما لصغر المساحة المتاحة للنشر وربما لاعتبارات المزاج الشخصى أو الترويج لكتّاب بعينهم أو ودور نشر بعينها . وهذا ليس بخاف على أحد يانائل. فالعالم مفضوحا ومكشوفا ومؤخرات النعام التى تدفن رؤوسها فى الرمال مكشوفة للآخرين. ونتيجة لذلك فبعض الأسماء اللامعة موجودة بالقوة . لمجرد أنهم يملكون نوافذ تقول أنهم لامعين ، وإذا ما نزعت عنهم هذه النوافذ ، سترى أن الملك عار .


ولهذا اعتبرت الأنترنت بابا جديدا للإعلام ربما سيتفوق فى المستقبل على الصحافة الورقية ـ والله أعلم ـ فعالم الورق يتداعى، ومن ناحية أخرى، الإعلام الأدبى على الأنترنت ظاهرة ولدت مع السرد الجديد ومرتبطة به، وأخيرا فإن طه ممثل ـ هناـ ليس بشخصه ولكن الممثل هو ( البوابة الثقافية ) التى اعتبرها البعض صاحبة دور مؤثر فى التعريف بالمشهد السردى . واسأل طارق إمام .

بالنسبة لحكاية الفخرانى ولا أدرى سبب التركيز عليها ، وكأنك تبحث عن مبررات للاعتذار، فالحكاية ببساطة أن حدث خطأ فى نشر الاسم ليكون أحمد الفخرانى بدلا من محمد الفخرانى ، وقد أعلنت هذا فى أكثر من مناسبة ونشر فى الجرائد ، فلماذا أنت مصصم على أن ثمة شيء خفى وراء الأمر، هل تعتقد مثلا أننا تلقينا تعليمات من أمن الدولة باستبعاد أحمد الفخرانى !!! أنت تعطى الأمر أكثر مما يستحق، هو مجرد خطأ فى الاسم وهذا واضح جدا . أعرف .. أحمد الفخرانى شاعر متميز والمؤتمر العام القادم سيكون عن الشعر واتمنى أن يكون أحد المشاركين فيه. وأنا أتابع مدونتيه السرديتين، وبالمناسبة ما يكتب فيهما أجمل مما يكتبه بعض اللامعين، ولكنه حريص على تقديم نفسه كشاعر ونحن نحترم هذا .


عموما ..تبرير ذكر اسمه فى قائمة المائدة المستديرة، إنه مجرد خطأ طباعى مثل ملايين الأخطاء الطباعية التى ترد فى الجرائد، وأنا شخصيا اكتويت بها وكان آخرها باخبار الأدب، ومع ذلك لم اعتبر هذا مؤامرة ضدى ولا يحزنون بل هو مجرد خطأ طباعى فى عمل مؤسسى ضخم فالأخطاء الصغيرة واردة . والبشر يخطئون لأنهم بشر .


وحتى أجيب على أى تساؤل يقوم فى نفسك أو نفس أى صديق آخر، فمحمد الفخرانى مبدع جميل وصديق عزيز، ولكنه لن يكون موجودا فى المائدة المستديرة لمجرد أنه موظف بالهيئة العامة لقصور الثقافة وكذلك حمدى أبو جليل وطاهر الشرقاوى، وذلك حتى لا يحتج أحد ما بأن الهيئة تكرس لموظفيها من الأدباء، طبعا هذا فى رأيى الشخصى ظلم لهم، ولكنه ضريبة من عمل بالمؤسسات الثقافية، وحرصا على مصداقية العمل. وأظن أنك كصحفى فى جريدة أدبية تعرف ذلك جيدا . فأنت نفسك تتنزه عن التكريس لنفسك فى أخبار الأدب .


فكرة إهداء جلسة المائدة المستديرة إلى محمد حسين بكر نشأت على الانترنت وبين الأصدقاء بعد أن كتبت سهى ذكى مقالا مؤثرا وجميلا قالت فيه أنها تمنت لو أن زوجها كان موجودا معها فى هذا المؤتمر وشهد هذه الجلسة ، وبلمسة إنسانية رددتُ عليها ( على الانترنت أيضا) قائلا : لنعتبر هذه الجلسة مهداة إلى روح زوجها بوصفه واحدا من المبدعين الذين رحلوا مبكرا بين هذا الجيل حتى يكون حاضرا بروحه معها ومعنا . إنه نوع من المواساة وتطييب الخاطر لصديقة فقدت زوجها الذى كان واحدا من هذا الجيل . فهل تعتبر هذا تحيزا لشخص ما ميت على حساب ميت آخر؟ .. بصراحة أنا مندهش أنك تعتبر هذا عيبا خطيرا يستدعى انسحابك من المؤتمر . إلا إذا كنت ستقترح علينا قائمة أخرى بترتيب الموتى اللامعين .


وعموما .. ليس ضمن عمل المؤتمر ـ رسميا ـ إهداء جلسات لأسم أى ميت، ولا المؤتمر نفسه يهدى لأسم أحد، فالمؤتمر ـ فى النهاية ـ كيان مستقل ليس ملكا لأحد حتى يهديه لمن يشاء، وأنا مجرد أمين لدورة واحدة من دوراته وتصادف أننى أول أمين له مهتم بالسرد وكاتب له نقدا وإبداعا . كما تصادف أن محمد حسين بكر كان زوجا لسهى المشاركة فى الجلسة كمبدعة، ولو أن زوجة المرحوم محمد ربيع هى التى كانت مشاركة بدلا من سهى وكتبت مثل هذا الكلام المؤثر وتصادف أن قرأته أنا، لربما كنت قد قلت لها : لنعتبر هذه الجلسة مهداة لروح محمد ربيع . ولكان واحد غيرك اعترض : لماذا محمد ربيع وليس محمد بكر ؟؟؟


وعموما فالأمر كله قائم على الاعتبارات الإنسانية والمعايير الشخصية والصدفة كما ترى وليس له علاقة بالتخطيط للمؤتمر .وليس ضمن أعمال المؤتمر أن ينشغل بمثل هذه الأمور وليس عيبا أو ميزة فيه . إنما هى حوارات إنسانية كانت بين عدد من الأصدقاء على المدونات الشخصية وتدخلت فيها بوصفى صديقا لهم .


وأنا شخصيا ، سأحرص على حضور الجلسة ، وسأطلب من المشاركين فيها، أن يتذكروا أصدقائهم من الراحلين وإن نهدى اجتماعنا معا لأرواحهم وإذا كنت سأبدا بمحمد حسين بكر فلا يمنع هذا أن نذكر محمد ربيع، أو كل من اقترحتهم أنت من الراحلين بديلا لبكر، ولكن بالنسبة للآخرين الذين ذكرتهم لنهديهم جلسة المائدة المستديرة ( خيرى عبد الجواد ونعمات البحيرى ) وهما أصدقائى وأبناء جيلى :

هل لديك فكرة أن المؤتمر سيكرم اسم المرحوم خيرى عبد الجواد ضمن المكرمين وأن هذا معلن منذ شهرين تقريبا ؟

وبالتأكيد لديك فكرة أن المرحومة نعمات البحيرى توفيت بعد انهاء كل أعمال المؤتمر . والإعلان عنها .وهذه تصاريف القدر ، ومع ذلك فنعمات كرمت قبل ذلك فى إحدى دورات هذا المؤتمر وكنت أنا من اقترح اسمها للتكريم قبل موتها .ولا أزايد على صديقة هى الآن بين يدى الله .


على أى حال هذه الاعتبارات الإنسانية ليست من ضمن العمل الثقافى، ولكنها تضفى لمسة إنسانية على الحياة. فوجودها لا يعيب المؤتمر كما أن غيابها لن يؤثر على قيمته كعمل ثقافى، ولكننا بالتأكيد نحتاج إلى مثل هذه اللمسات الإنسانية على الأعمال الرسمية حتى لاتصير جافة منفرة .


أما قولك " السرد الجديد مصطلح غامض بطبعه " فهذا حق، ولعلك تذكر أنى قلته فى حلقة تلفزيونية سجلناها معا عن زمن الرواية، ومن أجل هذا الغموض، كان المؤتمر عن السرد الجديد، لأن العمل البحثى الذى يوفره المؤتمر يسهم فى فض بعض الغموض. وهذه وظيفة المؤتمرات البحثية ، وليس التكريس لأسماء بعينها. أو إتباع مقولات عامة وشائعة عن زمن الرواية .أو موت القصة أو مثل هذا الكلام الذى يردده الإعلام من أجل ارتفاع نسبة التوزيع .


لهذا فعتابى عليك ياصديقى كبير

كان من الممكن أن تعتذر فحسب بدلا من البحث عن مبررات للاعتذار وإعلانها ، ولاسيما أننى قرأت عليك أسماء المشاركين فى جلسة المائدة المستديرة قبل أن ترسل لى بالموافقة على مشاركتك، أى أنك كنت على علم بالمائدة المستديرة وموضوعها والمشاركين فيها . لهذا اعتقد أن اعتذارك له أسباب أخرى غير ماذكرت وهو متأخر جدا، وفى جميع الحالات أنا احترم رغبتك واحترمك، واحترم رأيك فى المؤتمر فأنا لست صاحبه، فقط أنا أمين إحدى دوراته، وأنا اجتهدت قدر الإمكان، وهو فى النهاية مجرد مؤتمر سيمضى ويأتى غيره، فالمؤتمرات لا تصنعنا ولا تهدمنا ايضا، ولن يبقى غير الاحترام والود قائما، ويبقى الإبداع الحقيقى معلنا عن نفسه بغير شهادة من أحد أو رأي من ناقد، أو مقال فى جريدة أو مؤتمر فى مؤسسة ما أو حتى قائمة يمليها علينا أحد.

Blogger Template by Blogcrowds