شوية هموم

فكرت أن أكتفى بتعليق على ما كتبت رحاب ابراهبم ولكن تأيد سهى زكى وإثارتهم لبعض الأفكار جعلنى أفرد تدوينه ولكنى أعدكم ألا أطيل عليكم.

مثلما أتفق الادباء الشبان على الساحه الان على عدم ملائمة مصطلح الكتابة الجديدة لهم، فقد اتفقوا على عدم صلاحية مصطلح الجيل عليه أيضا، لأسباب كثيره لا يتسع كلامى الان لها. التأثير الذى رصدته رحاب فى كلامها عن التسعينيين صحيح ولكن يجب أن لا نهمل أنهم أيضا تبنوا فكره قتل الأب والقصيدة النثرية أحد تجليات هذة الفكرة لديهم أى فوضاهم ليست راجعه فقط الى عدم وصول الادب لمستحقيه.

بالنسبة لقضية النشر، فبخبرتي المتواضعة جدا فى هذا المجال سهوله النشر فى الوقت الحالي ستنتج فوضى ذات تأثير فى جوده الادب المعروض وقد رأينا ما فعلته مؤسسه عريقه فى مجال النشر حين تبنت نشر مدونات على الرغم أن الفكرة الرئيسية فى هذا الأمر هى نشر قصص تتسم طابع أدبي – هى مدونه حواديت – وحين تسلك مثل هذة المؤسسة هذا السلوك فليس غريبا أن تصدر دار أكتب أو دار مزيد كتب مدوناتها. عندما يصدر ناشر كتاب، فقد أصبح منتج داخل سوق فوق أرفف المكتبات وهذا ليس عيبا إنما العيب أن يتدخل الناشر فى الأدب نفسه أو بمعنى أدق يدخل السوق والتجاره فى الثقافه

وجهه نظر أخرى فى العلاقة بالقارئ والكاتب، صنفنا القارئ أيضا بقارئ عادى ونخبة ومثقف إنما – حسب رؤيتى لهذة العلاقه- ننزع أل التعريف من القارئ ونجعله قارئ فقط فهذا أكثر أفاده لنا ككتاب يهمهم أن تصل أفكارهم وكتاباتهم و إلا يكون رد فعل القراء هو تحقير المؤلف والمنادة بموته والاهتمام بالنص فقط، فلا يوجد كاتب ضحل وأخر مثقف ولكن يوجد أبداع جيد وأخرردئ والكاتب الذى يؤلف رواية جيده يستطيع صنع أخر رديئة والقارئ الذى أعجبة "أدهم صبرى" يستطيع تذوق "ماركيز" و"سرماجو".

انا اتفق تماما مع الكاتبة الجميلة رحاب ابراهيم ، فأن العلاقة بين الكاتب والمتلقى فى أزمة شديدة خاصة مع هؤلاء الذين يكتفون بالكتابة لمتلقى هم فقط الذين يعرفونه ولا احد غيرهم لا استثنى نفسى احيانا فى بعض نصوصى ، ولكن ليس السرد الرمزى فقط صانع ازمة مع القارىء ، بل السرد الذى يقترب للغة الشارع احيانا يجلعنا فى ازمة ، اذ اننا هنا لا نصنع لنا ككتات تلك الهالة المميزة لكل مختلف ، ورغم محاولات البعض للاقتراب من المتلقى بهذه الطريقة الا انه يفشل ايضا وسيراه المتلقى مجنون ، طبعا انا هنا اتحدث عن متلقى قارىء عادى وليس متخصص او هاوى او من نخبة المثقفين ، فالنتيجة واحدة وهو لا يدرى ، حتى وان نقل له حياته بالكربون على الورق بنفس اللغة سيتحدث لنفسه قائلا "جاب ايه جديد هايعملنا ايه يعنى الكلام دا ، نقلتنا من لحم ودم لورق وحبر" موضوع خطير ومحير ويحتاج للكثير من المحادثات والحوارات والابحاث التى تصل بنا لنتائج ، فمن هو الكاتب العظيم الذى يقف فى شرفة اخر دور يدخن بايب ويلقى نظرات متأففة اسفله على الناس جميعهم ما بين كتاب ونقاد وقراء ويلتقط بين الحين والآخر فكرة من فيلم أو كليب او حتى بواب العمارة وسائق التوك توك ليصنع بها عملا يهلل له بعدها اصدقائه البلكونينن امثاله وهم يدخنون الحشيش فى ظلام غرفة البلكونة أم ذلك الكاتب الذى يعيش الحياة كسائح اجنبى بين أهله ، يسير بينهم يتفحصهم ويتأملهم ويصنع منهم قصصا اسطورية وهم مكانهم لا يشعرون بما يصيبهم ، ام هو الكاتب القارىء المثقف "دودة القراءة الذى يعتمد على ثقافته الموسوعية للوصول لمخبة النخبة دون الاعتبار لهؤلاء او هؤلاء مشكلة كبيرة حقا واتفق تماما مع رحاب ابراهيم ايضا فى تمثيلها الكوميدى الساخر بمشهد فيلم اللمبى وهو بالمناسبة مشهد رمزى ساخر عن شكل المبدع فى اذهان الناس ، من خلال تجسيد الفنان "كريم جوجاك"لدور حبيب شاعر ومقارنته بحبيب "صايع" وهو الذى أداه "محمد سعد "ببراعة فى فيلم اللمبىترى من ومتى وكيف تحسم الازمة بين القارىء والمتلقى وهل سنهتم يوما بالمتلقى اساسا ، ام سيظل هكذا منبوذا طالما أنه لن يفهم شكرا للقاصة الاديبة رحاب ابراهيم على هذا الموضوع المهم فى اشكاليات السرد الجديد والقديم ايضا

شو بيبقى من الرواية ؟


مر زمن طويل منذ أن كان المريض يجلس صامتا أمام طبيبه في انتظار ورقة العلاج ليأخذها شاكرا , وينصرف !
إنه يريد أن يعرف كل شيء عن حالته وأسبابها ولماذا هذا الدواء بالتحديد .. و ... و ....
كذلك القارئ أيضا .. لم يعد ذلك الوديع الجالس محتضنا كتابه , متلقيا حواديتك في صمت باسم , وأنت تحكي له عن عوالم بعيدة لم يختبرها .
إنه المتلقي الذي يعترضك , ويعلق عليك سلبا وإيجابا ببساطة . وليس في الإبداع فقط ... بل حتى الصحف الورقية والتي أصبح لها نسخا إلكترونية على النت , أصبح متاحا لقرائها تقييم ما فيها من أخبار وتوضيح مدى أهميتها لهم ورضاهم أو عدم رضاهم عن التفاصيل التي قدمت لهم .
هذا التواصل تكمن خطورته في الوعي بضرورة التوازن بين الاشتباك مع تفاصيل الحياة وتناول المشاعر الإنسانية بقرب وحميمية تتسلل للمتلقي ببساطة , وبين الحفاظ على جماليات وفنيات الكتابة لتظل في مستوى أعلى من لغة الشارع ,
فما أكثر الكتابة الآن , وما أبسط النشر , ولكن لابد أن نتساءل ما الذي سيبقى من هذا الزخم ؟ سيبقى فقط الحقيقي الذي هو ببساطة لا يشبه إلا نفسه
.
عن الستينات والسبعينات وما بعد الألفين
بصراحة لا أفهم ماذا يعني أن يكون كاتبا ما ستيني أو تسعيني أو ما بعد ألفيني ... هل يرتبط ذلك بتاريخ ميلاده ؟ أم بتاريخ صدور أول كتاب له ؟ ام بتوقيت دماغه وإحساسه بما حوله ؟ ربما كان من الأوقع أن نقول الكتب التي صدرت في الستينات او السبعينات ... وهكذا
وربما بهذا التصنيف نستطيع أن نقول إن إنتاج الثمانينات والتسعينات كان ضحلا , ليس من ناحية جودته الأدبية وإنما من ناحية وصول الأدب لمستحقيه .. أقصد القراء والمشتغلين بالفكر والثقافة عموما .
فإذا كانت السينما قد ساعدت كثيرا في ذيوع وانتشار أدب الستينات , فالشبكة العنكبوتية ساعدت أكثر في انتشار وترويج الإنتاج الأدبي في السنوات الأخيرة ..
أما في التسعينات مثلا كان الواحد / والواحدة طبعا منهم يدور بمخطوط كتابه في أروقة وعتبات قصور الثقافة ثم ينتظر شهورا طويلة ليأخذ دوره في النشر .. قد يكون حينها تجاوز كتابته السابقة بمراحل فيصدر الكتاب كأنه كائن غريب عنه بلا أب أو أم .. هذا طبعا إذا كان غير متيسرا ماديا ليطبع على حسابه ليكون كمن ألقى نقوده في بحر غير آسفا أو مأسوف عليه ..
ثم تبدأ المرحلة التالية , فيحمل علي كاهله سلة الكتب يدور موزعا علي المعارف والأصدقاء - مجانا طبعا - وما يستطيع أن يصل لهم من كبار الأدباء ومسئولي النشر في الصحف الكبرى ليحظى بخبر صغير أو مقالة وينتهي الأمر .
الآن الوضع مختلف كلية , أولا لتعدد وانتشار دور النشر والصحف الخاصة , وثانيا لسهولة الاتصال والتواصل بين المشتغلين بالثقافة ..
هذه السهولة جعلت البعض يعتقد أن فعل الكتابة " ولا أبسط " خصوصا مع النظرة المادية في الترويج والتسويق لبعض الكتابات والتي تنتهجها بعض دور النشر .. وإن كنت أتفهم هذا السلوك التجاري البحت من دور نشر صغيرة وحديثة إلا إني عجزت عن تفهمه من دار نشر لها اسم عريق مثل " الشروق " حين تتبنى نشر وتسويق ثلاثة كتب مأخوذة من مدونات .. وهذا بالمناسبة ليس هجوما علي تلك المدونات ,فنجاحها له ما يبرره من تماسها الصادق مع الواقع المعاش واشتباكها مع معاناة وأحلام الكثيرين من الشباب , لكنه جعل الأمر يبدو كمن استغل ذيوع أغنية ما وأراد تحويلها لديوان شعر .
عن السرد والسرد الجديد
في مشهد من أحد أفلام هنيدي الكوميدية كان البطل يجلس في الكافيتيريا مع حبيبته محاولا أن يقول لها قصيدة غزل , وراءه كان يجلس الرجل الذي يرمز للمثقف بنظارته وكلامه الرصين .. بدأ هنيدي يقتبس من كلمات الرجل الجالس خلفه لحبيبته , حتي اضطر أن يكمل بنفسه فقال لها : الحب الحب .. الشوق الشوق .. بلوبيف بلوبيف " وينتهي المشهد بالرجل الرصين يعيد نفس الكلمات التي سمعها من هنيدي لحبيبته : بلوبيف بلوبيف
!!
ورغم هزلية المشهد إلا إنه يجعلني أقف طويلا أمام العلاقة بين الكاتب والمتلقي وتأثر كل منهما بالآخر وإلى أي مدى يمكن أن يكون هذا التأثر مقبولا ...
مازلت لا أستطيع وضع تعريف محدد للسرد الجديد , ففي رأيي إن كل سرد جيد لابد بالضرورة أن يحمل شيئا جديدا متفردا ..
لكني أتوقع الكثير والكثير من هذا المؤتمر الذي يجري التحضير له بطريقه غير مسبوقة لسببين .. أولهما أمين عام المؤتمر أ . سيد الجميل والذي يتعامل مع الأمر بروح المبدع وليس بروح الموظف .. والثاني هو هذه التقنيات الحديثة التي تجبرت وتسلطت وجعلت الجميع يعيش في علبة واحدة يبدأها بكلمة
start
حتى فكرة الشللية والجماعات الأدبية المنغلقة على أنفسها وعلى أماكنها الخاصة , أصبح من السهل اختراقها والتفاعل والاشتباك معها , والاستفادة منها أو نقدها عن طريق التواصل الإلكتروني ..

Blogger Template by Blogcrowds