هذة التدويته أعتقد فى أهميتها لموضوع السرد الجديد ومتصله بشكل ما مع تدوينه طارق أمام وهى موجوده على مدونه أيام هند ل سيد الوكيل وسأحدثكم المره القادمه عن الصله بينهم
أظن أن النقد فى مصر الآن يعيش لحظة انتقال وتجديد، وأظنها ستطول قليلاً لأنها ليست نقلة تقليدية من جيل يسلم فيها الراية لجيل آخر، بل نقلة نوعية. هناك جيل قديم من النقاد مازال يعمل بنفس تقاليده التى تتراوح بين النزعة الأيديولوجية والذهنية الأكاديمية أو تجمع بينها فى أحسن الأحوال، يطرحون على النص الأدبي أسئلة ذات مرجعيات سياسية من قبيل... ما الأدب... الدور الاجتماعي له... علاقة الأدب ... بالأيدولوجيا ... الأدب بين الحرية والالتزام، وهى كلها أسئلة ارتبطت بفلسفة الحداثة، ولكننا الآن نعيش عصرا مختلفا. هناك عدد من النقاد الشباب أكثر استيعاباً للمتغير الثقافي الذى اجتاح العالم فى ربع القرن الأخير، نتيجة لتطور وسائط الاتصال وسهولة نقل وتبادل المعلومات والمعارف، كما أننا تعيش الآن عصر الصورة، التى سوف تنتج لغتها و جمالياتها المختلفة عن الكتابة، وستغير كثيراً من المفاهيم عن النص والقراءة، ومن ثم مفهوم الإبداع نفسه الذى يتحول من الاستاطيقا التقليدية إلى نوع من المهارات التقنية والتى سوف تنتج بدورها فنوناً جديدة عبر برامج الجرافيك وتقنيات الصورة ، وسوف يؤثر ذلك بالتأكيد على النص الأدبي على نحو ما تسعى إليه الرواية الرقمية ورواية المعلومات ، والنص متعدد الوسائط ، وهذا موضوع شرحه يطول وأكبر مما نتصور، ولكن علينا توقع جيل من المبدعين والنقاد شديدى الاختلاف عما هو موجود الآن، أظن أن بعض ملامحه تتشكل الآن وربما تحتاج وقتاً ، ومع ذلك يمكن الإشارة إلى أسماء تمارس النقد فى سياق ثقافي جديد، وهم ليسوا بالضرورة من الأكاديميين ، كثير منهم من المبدعين أنفسهم ، بل سيكون للمبدعين الكلمة العليا فى انقد مستقبلا .
عموما المشهد النقدى الجديد فى مرحلة انتقالية ، وهو يجمع بين نقاد مختلفين فى خبرتهم ووعيهم النقدى ، ولكنهم يتفقون فى أن مرجعيتهم الوحيدة فى قراءة النص الأدبى هى المحيط الثقافى العام وليس الاجتماعىأو السياسي فقط، نذكر أسماء مثل :يسرى عبد الله ـ مهدى صلاح ـ محمود العشيرى ـ محمود الحلواني ، حمدي سليمان ـ طارق إمام ـ هويدا صالح ـ محمد عبد النبى ـ عبير سلامة ـ سيد ضيف الله ـ عمر شهريار ـ محمد سمير عبد السلام ـ محمد الشحات ـ حاتم حافظ ـ أيمن بكر وغيرهم .
إنهم من أعمار مختلفة ولهم فهم مختلف فى النقد ويعتبرون امتدادا لجيل آخر أكثر خبرة مثل : مجدى توفيق ومصطفى الضبع ورمضان بسطاويسى وحسين حمودة، وأيمن تعيلب وهكذا قائمة النقاد ممتدة ومسيرتهم متتابعة فليس صحيحا أن مصر ليس فيها نقاد، كل ما فى الأمر أنهم مختلفون عن الكبار وأن الكبار لايريدون الاعتراف بأن مفهومهم للنقد هو الذى انتهى وأنهم لم يعودوا وحدهم فى المعلب.
أنا أنهيت مقولة:
( أن الناقد هو مبدع فاشل )
.. بعض المبدعين كانوا نقادا رائعين مثل عمنا يحيى حقى، ولكنهم أحبطوا بسبب هذه المقولة ولم يهتم بنقدهم سوى القليلين. الناقد مبدع فاشل : هذه مقولة سخيفة رددناها كثيرا فى الماضى .. أكتب النقد والإبداع ولا أحس بمسافة من الاغتراب بينهما .. وأى مبدع يستطيع أن يكون ناقدا بقدر اجتهاده فى المعرفة النظرية وبقدر موهبته وذائقته فى قراءة النص الأدبى ، فالناقد الكبير لابد أن يكون مبدعا حقيقيا. لا أجد مشكلة فى أن انتقل من الإبداع إلى النقد أو العكس ... أنا أؤمن أن الذات متعددة ومتجددة وحرة وليست شيئا واحداً ولا مبرمجا . بعض المبدعين أصبحوا كتاب سيناريو شطار وصحافيين كبار فما المانع أن يصبحوا نقادا ... ربما هذا أقرب لهم ... وأنا أدعوا كل مبدع أن يمارس النقد لكى نتخلص من سطوة النقاد الأكاديميين الذين يأتون إلينا بالبرامج والموازير فى حقائبهم، وأدعوا النقاد الجدد الذين اشتغلوا بالأكاديمية أن يفرقوا بين النقد الأدبى والبحث الأدبى فلا نريد مزيدا من الأكاديميين الذين دخلوا النقد عن طريق مكاتب التنسيق ولمجرد أنهم كانوا تلاميذ يجيدون الحفظ فى الثانوية العامة.
ليبقى هؤلاء محترمين فى قاعاتهم الدراسية، أما إذا أرادوا أن يلتحموا بالواقع الأدبى وأن يمارسوا النقد ، فعليهم أن يكونوا قادرين على التفريق بين الأداء النقدى الإبداعى والأداء المهنى الأكاديمى، وبعضهم ينجح فى ذلك فعلا منهم رمضان بسطاويسى وحسين حمودة ومحمد بدوى. الكرة الآن فى ملعب الإعلام الذى يعانى مشكلة مهنية وأخلاقية خطيرة ، لكنه الآن يتحكم بمقاليد الشأن الأدبى ، ومن ثم فإن كثيراً مما يصدر للقارئ من إبداع ونقد يمر عبر الإعلاميين وهم بدورهم يفتقدون الخبرة النقدية ، ومع ذلك فهم يؤثرون فى الذائقة القرائية، ويشكلون وعى الناس من خلال أحكام احتفالية متسرعة كل هدفها ملء الصفحات، ومن ناحية أخرى فإن عدداً كبيراً من المبدعين والنقاد المتخصصين يتحولون إلى الإعلام، فهو يضمن لهم بعض الدخل الذى يعينهم على تكاليف الحياة، كما أنه يضمن لهم الانتشار السريع والواسع، ولكنهم فى الغالب، ومهما كانت خبرتهم، يخضعون لشروط الإعلام، فيقعون فى أحكام القيمة المتسرعة لمواكبة حركة النشر الواسع ، وربما يخضعون لتوجهات الجريدة أو المجلة فيفقدون شرط الموضوعية ، ولا أريد أن أتكلم عن النقد الذى يتم فى إطار المصالح والصفقات والعلاقات الشخصية، لكن الأخطر فى الأمر أن النقد الإعلامى يخضع لنمط الاستهلاك، فبعد فترة لايبقى منه شيئ فى الذاكرة فلا يؤثر فى الحراك الأدبى ولا يوجهه.
بعض النقاد المشهورين ليسوا نقادا .. لديهم كلام جاهز يصلح لكل النصوص .. ومقدمات نظرية لاعلاقة لها بالنص ، ولكنهم يصرون على أنهم كبار ... ياعم .. خليها على الله
كنا عائدون من مؤتمر السرد وصديقى يسند أفكاره على زجاج الحافلة ، وضجيج عقله يغطى على انين الاسفلت ، تمثال من الفكر وبعض الدم وقليل من العظام ، لا يتحرك لكنه ليس بساكن ، فجاءة لدغته فكرة ما فأفزعتنى حركته المباغتة ، أخرج بطاقة هويته وشطب بقلمه على ما بعد الوظيفة وكتب فى تعجل البركان فى خانة الوظيفة وفوق الاحرف المشطوبة " سارد". عاد من قمة توتره بابتسامة رضى ثم غلبنا السلام والنعاس .
شكرا لأمانة المؤتمر على كرمها وكراماتها ولها منى تحية ياسمين ، وللاصدقاء سلام بعرض الوفاء
محمد رفيع