أعتقد أن البعض منا ليس طرفا في صراع هل هذا زمن الرواية أم زمن السرد أم زمن أي حاجة تتكتب على سطور كاملة وفقرات، وليس تقطيعا في السطر، وبتجاهل للفقرات، هل هو رغبة في التغيير في الشكل السردي، أم أنه العجز، والعجز هنا إشارة لما قاله حمدي أبو جليل في احتفالية حصوله على جائزة نجيب محفوظ، العجز الذي دفعه لكتابة رواية الفاعل بالشكل الذي كتبت به، وفي مقالي عن الرواية قلت أن أبوجليل أمسك بمقشة الفركشة لينثر جسد الرواية الكاتدرائي في كل الطرقات، ليجعلنا نتسائل لماذا فعل ذلك؟ في الوقت الذي قال فيه أيضا أنه غير مهتم بالتجديد في الشكل الروائي لأنه لايملك الرفاهية لفعل ذلك؟ وليجعلنا نتسائل أيضا هل مافعله تجديد أم تهديد لأشكال السرد المتعارف عليها في الرواية.
ماأريد قوله أن مناهج العلوم الطبيعية تعترف بتسيد جنس من الأجناس في لحظة ما، ولكن في ظني أن هذا التسيد ظاهري، إذ لم تتوقف الأجناس الأخرى عن الحياة، والمرة الوحيدة التي اختفى فيها جنس عن ظهر الأرض تماما هي اللحظة التي حدثت منذ 60 مليون عاما – وفقا لعالم الحفريات – حين انتهت الديناصورات من على سطح الأرض نتيجة لحدث سماوي، وهذا بالطبع قد يحدث في علم الاجتماع نتيجة لتحول قبيلة مثلا من أكل لحوم البشر إلى قبيلة عادية جدا تأكل مثلنا لحوم الحيوانات، وهو تطور هائل في المسيرة الاجتماعية والبيولوجية، وفي مجال الرواية في ظني ليس معنى زمن الرواية هو انتهاء الأجناس الأخرى، بل إنها موجودة، لكن التأثير الأكبر يكون للرواية في ظني المتواضع، وشئنا أم أبينا يجب أن نتطلع لبعض الحقائق المنهجية والتاريخية في هذا الاطار، الأول أن أغلب الجوائز العالمية وعلى رأسها نوبل أصبحت تمنح جائزتها لكتاب الرواية ولأنه تعوزني الاحصائيات الآن، لكن على الأقل كشواهد أولية نلاحظ ذلك، كما أن جونكور تفعل ذلك، فيما تتوارى الجوائز الأخرى في الخلف، لكن هل معنى ذلك أن الفصيلة السردية والفصيلة الشعرية قد اختفتا، لاأعتقد ولن يحدث، احضر لي كاتبا روائيا واحدا لم يبدأ شاعرا، أو لم يقرأ شعرا، أو لايقرأ شعرا كمعين لاينضب للتجديد اللغوي على الأقل في العمل الروائي، المشكلة أن الديناصورات لم تنتهي ولكنها تحولت إلى مانعرفه الآن ويملأ حياتنا كلها، ولايمكننا الحياة بدونها وأعني بها تلك الفصيلة العجيبة التي تسمى الطيور!.
الفكرة التي نتصارع حولها كما أفهمها هي هل نقول للشعراء وكتاب القصة القصيرة توقفوا فما عاد ينفع ماتقومون به لأن ما تبدعونه لن يترك تأثيرا، وهذا التأثير على مستويين ظاهرين الأول على مستوى الابداع، وعلى مستوى التلقي، فالشاعر لم يعد له مكان، وكاتب القصة القصيرة أصبح يتوارى خجلا من فضيحة القصة القصيرة، والمتلقى لم يعد يهتم سوى بالرواية لأنها أكثر تأثيرا، وعلى مستوى خفي يتعلق بالنقد فلم يعد أحد يهتم بنقد الشعر والقصة القصيرة بالتبعية والكتابة النقدية فيهما كالحرث في البحر، هذه هي المشكلة بكل صراحة ووضوح، وأرجو أن لاأكون قد شطحت بعيدا.
ولعل جوائز الدولة لدينا في مصر على الأقل قد شجعت على الاحساس بهذا الأمر، الجوائز التي توقفت، والجوائز التي حجبت والجوائز التي كانت مخصصة للشعر والقصة القصيرة قد ذهبت لمجالات أخرى، وهنا أعتمد على شواهد وملحوظات على هامش المقولة الهائلة التي أطلقت بأنه زمن الرواية، وعلى ذلك فلتسقط جميع الأنواع الأدبية الأخرى، ومن بعدها مقولة أن الرواية ديوان العرب وليس العجم، ثم الرواية وإلا فلا!
لايتبقى في النهاية من عصر الرواية سوى عصر القصب، والقصب مشروب شعبي رائع، وإذا كان الشعب المصري سيقرأ الرواية والرواية فقط فأنا أرفع القبعة لجميع الروائيين، والمسألة في كتابة الرواية وكما أشار الصديق الجميل محمد رفيع – من جانب خفي- هي أن كل من هب ودب يكتب الرواية، كما أن كتاب الرواية أصبحوا يكتبون فقط حتى يكونوا ظاهرين في الحركة الأدبية ليس أكثر، مما دفع بدور النشر المصرية إلى أن تنتج أعدادا هائلا من الروايات التي تستحق بالفعل سلة المهملات من ناحية الكلمة ومن ناحية الفكرة ومن ناحية التجريف الثقافي والفكري الذي تمتلئ به، إنها إذن لحظة فتح النافذه، اللحظة التي يصاب فيها الجميع بالأنفلونزا، ومادام الجميع مصابون بالأنفلونزا الآن فإن الحكم على المسألة يصبح عسيرا للغاية، لأنها لحظة مرضية أكثر منها لحظة صحية، فهل يجوز القياس لمرضى؟ وهل يجوز القياس على شكل واحد أعتبره بتواضع هو الأكثر مرضا الآن، وهل يجوز القياس على لحظة تنسحب فيها الأجناس الأخرى السردية والشعرية، ماأعلمه أنها لحظة التحول للتوافق adaptation ومعذرة لكتابتي باللغة الانجليزية، لكنها الكلمة التي تعني التوافق البيئي.
وشكرا لعم سيد اللي خلاني أفك بكلمتين ولصديقي الجميل محمد رفيع القصاص الجميل والشاعر الذي يحاول التواري لبعض الوقت حتى يمكنه أن يقول لي ماذا يفعل بالشعر الآن، الشعر الذي لاتعترف به الجوائز..المريضة!
خالص المحبة وأعتذر عن الاطالة واشوفكم الأحد..
ماأريد قوله أن مناهج العلوم الطبيعية تعترف بتسيد جنس من الأجناس في لحظة ما، ولكن في ظني أن هذا التسيد ظاهري، إذ لم تتوقف الأجناس الأخرى عن الحياة، والمرة الوحيدة التي اختفى فيها جنس عن ظهر الأرض تماما هي اللحظة التي حدثت منذ 60 مليون عاما – وفقا لعالم الحفريات – حين انتهت الديناصورات من على سطح الأرض نتيجة لحدث سماوي، وهذا بالطبع قد يحدث في علم الاجتماع نتيجة لتحول قبيلة مثلا من أكل لحوم البشر إلى قبيلة عادية جدا تأكل مثلنا لحوم الحيوانات، وهو تطور هائل في المسيرة الاجتماعية والبيولوجية، وفي مجال الرواية في ظني ليس معنى زمن الرواية هو انتهاء الأجناس الأخرى، بل إنها موجودة، لكن التأثير الأكبر يكون للرواية في ظني المتواضع، وشئنا أم أبينا يجب أن نتطلع لبعض الحقائق المنهجية والتاريخية في هذا الاطار، الأول أن أغلب الجوائز العالمية وعلى رأسها نوبل أصبحت تمنح جائزتها لكتاب الرواية ولأنه تعوزني الاحصائيات الآن، لكن على الأقل كشواهد أولية نلاحظ ذلك، كما أن جونكور تفعل ذلك، فيما تتوارى الجوائز الأخرى في الخلف، لكن هل معنى ذلك أن الفصيلة السردية والفصيلة الشعرية قد اختفتا، لاأعتقد ولن يحدث، احضر لي كاتبا روائيا واحدا لم يبدأ شاعرا، أو لم يقرأ شعرا، أو لايقرأ شعرا كمعين لاينضب للتجديد اللغوي على الأقل في العمل الروائي، المشكلة أن الديناصورات لم تنتهي ولكنها تحولت إلى مانعرفه الآن ويملأ حياتنا كلها، ولايمكننا الحياة بدونها وأعني بها تلك الفصيلة العجيبة التي تسمى الطيور!.
الفكرة التي نتصارع حولها كما أفهمها هي هل نقول للشعراء وكتاب القصة القصيرة توقفوا فما عاد ينفع ماتقومون به لأن ما تبدعونه لن يترك تأثيرا، وهذا التأثير على مستويين ظاهرين الأول على مستوى الابداع، وعلى مستوى التلقي، فالشاعر لم يعد له مكان، وكاتب القصة القصيرة أصبح يتوارى خجلا من فضيحة القصة القصيرة، والمتلقى لم يعد يهتم سوى بالرواية لأنها أكثر تأثيرا، وعلى مستوى خفي يتعلق بالنقد فلم يعد أحد يهتم بنقد الشعر والقصة القصيرة بالتبعية والكتابة النقدية فيهما كالحرث في البحر، هذه هي المشكلة بكل صراحة ووضوح، وأرجو أن لاأكون قد شطحت بعيدا.
ولعل جوائز الدولة لدينا في مصر على الأقل قد شجعت على الاحساس بهذا الأمر، الجوائز التي توقفت، والجوائز التي حجبت والجوائز التي كانت مخصصة للشعر والقصة القصيرة قد ذهبت لمجالات أخرى، وهنا أعتمد على شواهد وملحوظات على هامش المقولة الهائلة التي أطلقت بأنه زمن الرواية، وعلى ذلك فلتسقط جميع الأنواع الأدبية الأخرى، ومن بعدها مقولة أن الرواية ديوان العرب وليس العجم، ثم الرواية وإلا فلا!
لايتبقى في النهاية من عصر الرواية سوى عصر القصب، والقصب مشروب شعبي رائع، وإذا كان الشعب المصري سيقرأ الرواية والرواية فقط فأنا أرفع القبعة لجميع الروائيين، والمسألة في كتابة الرواية وكما أشار الصديق الجميل محمد رفيع – من جانب خفي- هي أن كل من هب ودب يكتب الرواية، كما أن كتاب الرواية أصبحوا يكتبون فقط حتى يكونوا ظاهرين في الحركة الأدبية ليس أكثر، مما دفع بدور النشر المصرية إلى أن تنتج أعدادا هائلا من الروايات التي تستحق بالفعل سلة المهملات من ناحية الكلمة ومن ناحية الفكرة ومن ناحية التجريف الثقافي والفكري الذي تمتلئ به، إنها إذن لحظة فتح النافذه، اللحظة التي يصاب فيها الجميع بالأنفلونزا، ومادام الجميع مصابون بالأنفلونزا الآن فإن الحكم على المسألة يصبح عسيرا للغاية، لأنها لحظة مرضية أكثر منها لحظة صحية، فهل يجوز القياس لمرضى؟ وهل يجوز القياس على شكل واحد أعتبره بتواضع هو الأكثر مرضا الآن، وهل يجوز القياس على لحظة تنسحب فيها الأجناس الأخرى السردية والشعرية، ماأعلمه أنها لحظة التحول للتوافق adaptation ومعذرة لكتابتي باللغة الانجليزية، لكنها الكلمة التي تعني التوافق البيئي.
وشكرا لعم سيد اللي خلاني أفك بكلمتين ولصديقي الجميل محمد رفيع القصاص الجميل والشاعر الذي يحاول التواري لبعض الوقت حتى يمكنه أن يقول لي ماذا يفعل بالشعر الآن، الشعر الذي لاتعترف به الجوائز..المريضة!
خالص المحبة وأعتذر عن الاطالة واشوفكم الأحد..
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 تعليق:
إرسال تعليق